القاعدة: نشتري الصواريخ من الجيش الحر

Posted on جويلية 10, 2013

0


فداء عيتاني – الدانا ريف ادلب

عنصر من دولة الاسلام على مدخل الدانا

عنصر من دولة الاسلام على مدخل الدانا

مع اعلان دمج تنظيم القاعدة للبلدين، والاعلان عن قيام “الدولة الاسلامية في العراق والشام” بدلا عن “دولة العراق الاسلامية” و”جبهة النصرة”، انطلق التسارع الاخطر في عمر الثورة السورية، وربما في عمر سوريا نفسها، الطريق من هنا وعر وخطر، وفيه من الالغام ما لا قدرة للثورة السورية في الداخل على مواجهته، ولا امكانية للشعب السوري على تحمله.

تدريبات تنظيم القاعدة في سوريا عملية يومية، يخوضها التنظيم منذ ان وضع القدم الاولى هنا، ومنذ ان اطلق سراح المعتقل الاول من الجهاديين من السجون السورية مع بداية الازمة، واليوم، هؤلاء المقاتلين، تم رفدهم بعشرات الاف المقاتلين العرب والاجانب، وهم يحملون لواء تنظيم القاعدة، العلم الاسود الذي يتوسطه ختم النبوة، وينطلقون في بناء مفاصل الدولة الاسلامية، في العراق وبلاد الشام، بعد ان اسست جبهة النصرة لانتصاراتهم العسكرية، ولتأييد السكان المحليين لهم، ثم وقع الخلاف بين النصرة وابو محمد الجولاني من جهة، وقائد دولة العراق الاسلامية ابو بكر البغدادي من جهة ثانية.

التحق اغلب العناصر العربية والاجنبية، او من يسمون بالمهاجرين، بالدولة، كما ضمت الجبهة العديد من السوريين، على سبيل المثال ابو اثراء، السوري الذي كان قابعا في سجون النظام السوري، وهو يبلغ اليوم من العمر 26 عاما، وولاه ابو بكر البغدادي ولاية وادي حلب، ومن ناحيتها احتفظت جبهة النصرة بالعديد من المقاتلين العرب والاجانب، تحت قيادتها ولوائها، وهي قد احتكمت الى الدكتور ايمن الظواهري لفض الخلاف مع الدولة الاسلامية.

مشكلة اخرى وقعت في سوريا، الخلافات بين الجيش الحر والدولة الاسلامية في تزايد، لم تكن المشكلة محصورة في الدانا، فقبلها وقع الخلاف على معبر باب الهوى في ادلب، حيث كانت المجموعات الجهادية تتولى تسيير شؤون المعبر، ولم تكن الدولة الاسلامية قد انفصلت عن النصرة بعد، ومنذ اشهر اصبح من الممكن سماع اراء متنوعة بين السوريين انفسهم، بين مؤيد ومعارض لممارسات الدولة، وبين مرحب بوجودها ومتذمر من هذا الوجود.

اليوم تقع الاشتباكات احيانا في مناطق متصلة بالحدود مع تركيا، اعزاز، الدانا، دون ان ينفي ذلك انك يمكن ان تسمع احاديث قلقة من قياديين محليين في الجيش الحر، سواء من تمدد الدولة الاسلامية ومقاتليها، او من مشروعهم الخاص وازدياد عدد الاجانب وتكفيرهم للجيش الحر.

في دارة عزة (الريف الغربي لحلب) اوقفنا حاجز للدولة الاسلامية، وحين اخذنا الى مقر الدولة الاسلامية طلبنا مقابلة احد المسؤولين في التنظيم لاجراء مقابلة صحفية، فتم اقتيادنا الى بلدة الدانا بمرافقة عنصرين من المقاتلين الجهاديين بسلاحهما الكامل، وانتظرنا قرب احد حواجز الدانا التابعة لتنظيم القاعدة، حتى وصل الامير الى مقر القاعدة، او الدولة الاسلامية، وثم تم ادخالنا بعد ان تخلصنا من كل الاجهزة الالكترونية التي نحملها.

على مدخل المقر وقف شابان بقناعهما الاسود، وسلاحهما على صدرهما بوقفة تأهب، وعلى مدخل المقر ايضا كانت ام تسأل عن ولدها الذي اختفى، وذهبت دون ان تجد جوابا. وفي المقر كان العشرات من المقاتلين، بعضهم ملثم او يرتدي قناعا، والبعض الاخر سافر الوجه، اغلبهم من خارج سوريا، وخاصة من تونس، حيث ان امير الدانا ابو اسامة تونسي الاصل.

في الطابق الاول كان والي حلب ابو اثير جالسا في غرفة كبيرة خلف مكتبه، صافحنا دون النهوض من خلف المكتب، وعلى المقاعد كان هناك 18 من اعضاء التنظيم، جميعهم ملثمون بالاسود، من ابو اسامة التونسي الى اخر مقاتل، ابو اثير توقع ان الحديث هو حول الوضع في الدانا وحدها، ولكنني وجهت الاسئلة الى امور اخرى، اجابني عن كل ما يتعلق بالدانا ابو اسامة، وعما هو ابعد من الدانا تحدث قليلا ابو اثير.

يقول ابو اسامة ويشارك ابو اثراء في الحديث: ان “المظاهرة (في الدانا يوم الجمعة الخامس من تموز) لم تخرج ضد دولة الاسلام، بل ضد الاسلام، هناك خلايا نائمة تابعة للنظام موجودة في كل المناطق المحررة، واكبر دليل هو كتابة صفحة لهم على الانترنت ان الجيش السوري يجب ان يتدخل لان الدانا تستغيث ضد الارهابيين، والصفحة المعنية هي صفحة اسود باب الهوى على الفايس بووك”.

يضيف “القناة الاخبارية السورية قالت ان قواتنا الباسلة قامت بمهاجمة الارهابيين (في الدانا)”.

اما الذين خرجوا في المظاهرة “فان سألت عن السيرة الذاتية لهم تجدهم منشقين حديثا، وبائعي مخدرات، حتى ان المجلس العسكري وقع على سحب السلاح من هؤلاء الشبيحة”.

“هناك فصيلين سيئين مسيطرين على الدانا، والجيش الحر تبرأ منهما، ودخل افراد من الجيش الحر بغية اعانتنا عليهما، ونحن رفضنا ان يتدخل احد”.

“يوم الجمعة ابقينا كل عناصرنا في مقراتها، ولم يخرج (للصلاة) الا الانصار (السوريين من التنظيم القاعدي)، وفوجئنا بهم يأتون الى المقر في تظاهرة شارك بها حوالي 80 شخصا، فاعتقلنا نصفهم، والنصف الاخر سلم سلاحه، اذ كان جزءا منهم مسلحا، ولاحقا اطلقنا سراح من كان اعزلا، ومن ثبت انه اطلق النار وقتل من الاخوة المجاهدين فسيحال الى المحكمة الشرعية (التابعة لدولة الاسلام في العراق والشام)”.

“هذه المظاهرة وصلت الى مقر دولة الاسلام، واصلا هي مبيتة وهم جهزوا انفسهم بقناصين، وقبل المظاهرة بحوالي اسبوع اخبرنا ضابط من الجيش الحر انه تم دعم هذه المجموعات من الخارج (من قبل جهة غير محددة) بمبلغ 40 مليون ليرة سورية لشراء السلاح من اجل عملية الدانا، مع وعد بان يكون لمن ينفذها شأن في رحلة لاحقة بحال نجاحها”.

ابو اثراء، الذي يبدو مغرقا في الحديث عن الدانا، وتاركا المجال لأمير الدانا ابو اسامة في الاستفاضة في الشرح لما حصل مع مجموعتين من الجيش الحر، يستخف بسؤالي حول محاولة الدولة الاسلامية (القاعدة) السيطرة على الحدود السورية التركية، عبر ضرب المجموعات المتواجدة في اعزاز وفي الدانا، وقبلها السيطرة على قرية مشهد من قبل ابو البنات، وكلها مناطق حدودية، مما سيسهل على القاعدة منع الامدادات عن مجموعات الجيش الحر واسقاط المناطق تاليا بهدوء.

يقول ابو اثراء حرفيا: “لو كنا نريد قطع الامداد لكان من الاسهل علينا ان نأخذ مخازن الجيش الحر، وكل ما يدخل الان من اسلحة نشتريه بالمال من الجيش الحر، لقد اصبح لدينا منهم 200 صاروخ مضاد للطائرات، وكذلك صواريخ كونكورس”.

يقترب هنا احد العناصر المسلحة والجالسة الى يسار ابو اثراء، يهمس كلمات في اذنه، ثم يعود العنصر الملثم الى مجلسه الاول. ويتابع ابو اثراء كلامه بالقول “علاقتنا جيدة مع الاخوة في الجيش الحر، ونحن ننسق في المعارك”.

اسأل “الاخوة في الجيش الحر؟ هل هم اخوتكم؟ الا تعتبرونهم كفرة؟”

فيبتسم ابو اثراء بهدوء وترفع ويقول “لو كفرناهم لكان ذلك لمصلحتنا، لاننا كنا اخذنا اسلحتهم”.

اتابع سؤالي: “طيب من هو الكافر منهم؟ من الذي تعتبرونه كافرا بنظركم؟”

فيجيب ابو اثراء “لا نكفر الا من تعامل مع الغرب لمحاربة الاسلام، للاسف فانه يتم تشويه صورة المجاهدين في اي مكان باتهامهم بانهم تكفيريين، وبالمختصر من لا يحاربنا لا نحاربه، ولكن من يحاربنا او يفكر او ينوي او يبيت محاربتنا فلن يجدنا الا اشداء عند البأس”.

اختم بسؤال: “وهل تضمنون حرية السكان وامنهم وسلامتهم في المناطق التي تسيطرون عليها؟”

فيجيب ابو اثراء “المناطق التي تحت سيطرتنا نضمن امنها وطعامها، وعلاقتنا بفصائل الجيش الحر جيدة، الا من كان يتلقى منهم اموالا من الخارج”.

بعدها اخذنا ابو اسامة في جولة وتركنا نصور حاجزين للدولة الاسلامية في الدانا، وطلب منا تصوير مدرسة لتعليم القرآن قال ان المتظاهرين اعتدوا عليها وحطموها عند اسواق الدانا، كما طلب منا تصويره قرب منزله، حيث حضن طفلا صغيرا من اطفاله، وهو يرتدي القناع الاسود، وعلى صدره رشيشه من عيار 9 ملم، ووجهه مغطى بالقناع الاسود، ربما ليوحي لنا بانه ليس فقط مجاهد، وانما اب وعائلته اصبحت في سوريا، او ليقول ان وجه طفله العاري سيتغطى بالاسود حين يكبر هو ايضا.